Pages

Blogroll

Blogger news

mercredi 18 janvier 2012

مصداقية الحكومات

المعطي قبال

صورة anonymous
انبثقت في العقد الأخير ظاهرة إرسال خطابات مفتوحة إلى السلطات العليا للبلاد، وبالأخص إلى الملك أو إلى أعضاء في الحكومة، بعضها يشتكي من ظلم ما، والبعض الآخر يطالب بالإنصاف في قضية أو يعبر عن قناعة سياسية وإنسانية في أمور البلاد والعباد. وقد كان الإقدام على هذا النوع من المبادرات من مستحيلات الأمور أيام الحسن الثاني لأنه يدخل في خانة المس بشخص الملك الذي كان يحيل الشعب على السلطة القضائية، الإدارية أو الدينية. لكن عوض أن تعالج هذه الهيئات مشاكل المواطنين كانت ترمي بها في سلة المهملات، وذلك بغية تشجيع ثقافة «الواسطة» والمحسوبية والرشوة التي تعامل معها المواطن في الأخير كقدر مقدر.
ومع الملك محمد السادس، وبالأخص في بداية عهده، فهم المواطنون أنه أقرب إليهم وأن لا خوف عليهم من حمل القلم لمخاطبته وطلب تدخله لإنصافهم وتلبية مطالبهم. هكذا، انبثقت ظاهرة اعتراض طريق الملك لتسريب رسائل أو رمي «بريات» خلال نزوله إلى الشارع. لكن، وإن تغير الأسلوب، فإن المشاكل بقيت على حالها. ولو تسنى جمع هذه الرسائل لأمكن تأليف أنثولوجيا جديرة بأن يطلق عليها اسم: «أنثولوجيا المظالم المرفوعة إلى الملك محمد السادس»! ولربما وجدنا أن أصحابها أناس بسطاء ذهبوا ضحية تعديات كلاسيكية من قبيل سرقات طالت أراضيهم أو أموالهم، أو محاكمات متهم ظلما وعدوانا. إلى جانب هذا الصنف من الرسائل، ثمة صنف آخر من توقيع أقلام مثقفين أو سياسيين، يعتبر الروائي والجامعي عبد الحق سرحان أبرزهم. تحظى رسائل صاحب رواية «أطفال الأزقة الضيقة» بترحاب داخل المغرب وخارجه؛ فبعد الرسالة التي نشرها في صحيفة «لوموند» في الرابع من مارس من العام الماضي تحت عنوان «الثورة في الطريق»، وهي تشخيص مجهري للداء المغربي، طرح على موقع «ميديابار» الإلكتروني، المؤرخ بـ6 يناير، رسالة مفتوحة إلى عبد الإله بنكيران عبر فيها، دون مواربة، عن تشاؤله (على حد تعبير الراحل إميل حبيبي) من الحكومة الجديدة «التي لا تعدو أن تكون مجرد طبخة بإعداد من القصر». في سياق التغيير الذي تعرفه البلاد، تعيد الرسائل من هذا النوع إلى المثقف، في ظل مخزنة النخبة، دوره النقدي؛ كما أنها تتعارض وسلوك الذين تعودوا إما على «ضرب الرش» وإما على «جمع اليدين» والتفرج. ينهل عبد الحق سرحان من سلوك جارٍ به العمل في الدول الديمقراطية، سبق أن كرسته رسالة إميل زولا الموجهة إلى رئيس الجمهورية الفرنسية فيليكس فور في الثالث من يناير 1898، تحت عنوان «أتهم». في زمن الثورة الإعلامية والرقمية، وفي غياب الحوار وعجز الأحزاب والدولة عن حل مشاكل المواطنين، فإن اللجوء إلى الرسائل المفتوحة هو ممارسة صحية وفعل سياسي لتحسيس المواطن بمواطنته. في الرسالة الموجهة إلى عبد الإله بنكيران، نفض عبد الحق سرحان يديه على الحكومة. لكن دعنا لا نسرع يا أخي ولنتريث حتى نرى طريقة التسيير والأداء الحكومي، فالحكومة في ضيافة المغاربة لمائة يوم، وبعدها سنرى، فكل منا تحدوه رغبة كتابة رسائل مفتوحة إلى الوزراء، لا لقطع غصن الشجرة من تحتهم بل لتذكيرهم بالوعود ووضعهم أمام الرهانات التي تنتظرهم، فمن منا لا يرغب في توجيه رسالة إلى وزير الثقافة الجديد لدعوته إلى الخروج إلى الساحة وعقد ندوة وطنية عن حال وأحوال الثقافة، وبالأخص التحفيز على القراءة، وتشجيع الكتاب وتأهيل فضاءات جديدة للعروض الفنية... إلخ؛ وبكلمة، تسطير سياسة ثقافية جديدة منفتحة على إفريقيا والعالم العربي.
ولدينا أيضا رغبة في التوجه إلى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي لمطالبته بالإسراع في إعداد استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار تأهيل الدبلومات لكي تضمن الشغل للطلبة، مع حل مشاكل حملة الشهادات العليا، محاربة الأمية... إلخ، أما السي الرباح فننتظر منه، من بين عدة أشياء، أن يعمل على أن تنطلق وتصل القطارات والطائرات في الوقت المحدد وأن يوضع حد لكابوس الموت في الطرقات، أما الوزير مصطفى الخلفي فنقول له: «راه واياك من نشبة الرقابة»، فهذه الأخيرة هي مقياس الحرارة الذي يحتكم إليه الرأي العام الوطني والعالمي للوقوف على مصداقية الحكومات. «الحاصول» تحدونا رغبة في مخاطبة الطاقم الحكومي برمته، لمعرفة «فين غادين بنا». على أيّ وكما جاء على لسان حسين الوردي، وزير الصحة، في مقابلة مع «كود»: «راه اللي فرط يكرط».
الصفحة الرئيسية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

journaux du Maroc

 
JavaScript Free Code JavaScript Free Code